مقهى.. تخمة.. وكبرياء.



عبد النور عطواني

 كانت نادرا ما تفتح فمها، وهو الآخر لم يكن من محبي الحديث.. كانت شاعرة قوية، ولم يكن يقل عنها أنفة.. في إحدى الجلسات، يرتاح الاثنان على كنبتين الواحدة تواجه الأخرى في تنافر، كأنما تضارعان كبرياء كليهما بأدق ما بالامكان لجمادين.. يتبادلان النظرات، عيناه وديعتان كعيني نشال صغير، أما عيناها فكانتا جريئتا المنظر أقرب ما يكون إلى ابن آوى قبيل إمساكه من قبل صيادي البدو.. يتسابقان على إشعال سيجارتيهما الأولى في اللقاء، ويشعل كل منهما لفافة ويصنعان من دخانهما حلقات، ثم يدوسان على المطفأة بعقبي السيجارة، كانت مطفأة صغيرة زجاجية ذات نقاء لاسع، كانت شفافة تماما؛ إلا أن وداعتها لم تمنع الطرفين من حرق سطحها بالرماد الأسود، تماما كما يتحرق صدق دواخلهما إلى الآخر، فيعدم غيم الدخان روحين ظلا ينسجان أحاديث طويلة منسابة ظلت حبيسة صدريهما ولم يكتب للروحين اللقاء في حضور جبروت الكبرياء. مع انتهاء كأس النبيذ، ينصرف الطرفان في خيلاء.

إرسال تعليق

أدرج تعليقا

أحدث أقدم

نموذج الاتصال