مهلا لا زلت طفلة.. !


قصة                   لطيفة مزاري

كانت قد أخذت بها نفسها إلى مكان أسود كئيب، ضحكات العائلة تتصاعد حولها ، عائلة غريبة تشعر أنها متشردة داخلها، فقدت إحساسها بلذة الانتماء ..
علت سماء كونها غمامة سوداء خيمت وأبت الرحيل، ترى ما الذي اكتسح حياتها؟
ربما هي مريضة بمرض لا تعلم عنه شيئا،  فكل معارفها تتمحور حول السرطان الذي فتك بجسد أخيها الأكبر وحاميها ..هذا مرض مختلف أنهكها وجعل من روحها حطاما وشتاتا . كم تمقت حالتها هاته، اضطربت مشاعرها؛  ينتابها الضحك في جنازة مؤلمة والبكاء في  حفل زفاف .. "لم أنا مضطربة كل هذا الاضطراب " .
ها هي الآن تراودها فكرة الموت الإرادي .. موت؟ . .  بل كانت ميتة منذ ذاك اليوم الذي زفت فيه لرجل يكبرها بخمسة عقود، تحتاج فقط أن تعلن موتها وتتوجه بزي أبيض لترقد في جحر تحت التراب حيث يعم الهدوء والسلام.. راحت الأفكار تتوالى وتتساءل داخلها..أين ؟ كيف ؟ والأهم متى ؟..
قاطعها ذاك الرضيع مجددا؛  يريد أن يرتشف من حليبها الأسود، نظرت إليه فاغرورقت عيناها بالدموع..  ظل صوته يعلو و يقوى..
خارت قواها ووهنت، كل ما تريده أن تضع حدا لحياة سامة كهاته. أشبعت بطن طفلها وراحت فكرة الانتحار تستحوذ عقلها من جديد..
كل شيء صار يثير اشمئزازها،  صارت تمقته بشدة..  زوجها، أو بالأحرى  من أسدل الستار على طفولتها،  من جعلها تنضج أربع عشرة سنة في غضون سنة واحدة،  كيف يستيقظ المرء على وجه موحش كهذا،  بلغ من السنون ما يجعله يتمنى الموت،  لكنه يأبى وكأنه يستلذ عذابها،  يعشق رؤية ماء مالح يبلل وجنتيها حين يجبرها على العمل كممرضة لأمه و مربية لطفل لا يفارقها.. بدا لها الأمر واضحا؛  " إن كان ألمي يسعده فسيفقد لذته هاته حين يراني جثة هامدة،. ربما يموت قهرا حين يراني ضحية لبطشه وجهله "
ظلت الليل بأكمله تفكر بأي طريقة ستعلن موتها المبكر، لا تعرف حتى كيف ستنام نوما أبديا..  ربما تغرز في قلبها شيئا حادا لتسكن نبضاته وتختفي بعد ذلك،  لكن الأمر موجع وما لها من قوة لتتحمل..
" لم أشاهد حتى مسلسلات غبية تريني كيف أنهي أنفاسي هاته.. ماذا عن طفلي، كيف أقول عنه طفلي وأنا لا زلت طفلة أيضا..لحظة!.. لقد نما في أحشائي،  جعلت له رحمي مسكنا.. كيف لا أكون له أما! كيف اجتاحتني مشاعر الأمومة الآن؟ أهكذا تكون  الأمهات حقا؟ر تخاف على أطفالها وتحميهم من كل سوء وأذى..؟ إن كن هكذا فلم أمي لم تفعل؟ لماذا منحتني كفريسة سهلة لهذا الوحش الآدمي؟ إن كانت الأم تحب طفلها فمالي لا أشعر أن أمي أحبتني يوما، كيف أقول لامرأة جعلتني زوجة وأما في عقدي الأول "أمي "، ماذا عن أبي، أليس من واجب الأب أن يكون جسورا يصد الذئاب إذ تعوي مخيفة طفلته! عن أي طفلة أتحدث.. أنا أم..".
#latifa_mzr 🌼

إرسال تعليق

أدرج تعليقا

أحدث أقدم

نموذج الاتصال